القصه الولى
الضحية العمري... حصدها الحصار وتركت خلفها خمسة أطفال
ماما راحت عالباي " لم تكن هذه العبارة سوى الإجابة الوحيدة التي تنطق بها الطفلة
رشا ابنة العامين عندما تسأل عن أمها التي فارقت الحياة نهاية الأسبوع الماضي بعد
صراع دام لأكثر من
عام
مع مرض السرطان.
غادرت نادية العمري "28 عاما" الحياة وتركت خلفها خمسة أطفال لم يتعد
أكبرهم الحادية عشر ، بينما لم تتجاوز طفلتها الأصغر العامين.
بدأت العمري معاناتها مع المرض قبل عام عندما شعرت بألم في معدتها ،
حيث شخص الأطباء حالتها الصحية حينها بوجود انسداد في المعدة ، تعرضت
على إثرها لعملية جراحية بمستشفى غزة الأهلي.
طرأ تحسن على حالة العمري الصحية لعدة أشهر قبل أن تبدأ المياه تتكون في
معدتها مما أدى إلى انتفاخ في البطن ، عندها تيقن الأطباء أن سرطانا في المعدة
قد استشرى في جسدها ، وبدأت بأخذ جرعات من العلاج الكيماوي في
مستشفيات غزة التي تعاني من قلة الإمكانات الطبية والأدوية في ظل الحصار
الذي فرضته قوات الاحتلال عليه منذ منتصف يونيو الماضي .
استمرت المريضة نادية بتلقي العلاج الكيماوي لمدة ستة أشهر متتالية ، ولم
تفلح الجهود بإخراجها للعلاج في المستشفيات العربية بسبب تعنت الاحتلال
ومنعه خروج المرضى من قطاع غزة الذي أطبق عليه الحصار .
قبل أن يحل عيد الأضحى بأيام قليلة نقلت المريضة العمري إلى المستشفى
بعدما تدهورت حالتها الصحية ، وبعد خضوعها لعملية المنظار أظهرت النتائج
وجود انسداد بالأمعاء ، مما اضطر أحد الأطباء لإجراء عملية جراحية لها ،
حيث تفاجأ عندها باستشراء المرض في جميع أنحاء جسدها ولم يتمكن من إنقاذها.
استمرت معاناة المريضة مع المرض على مدار الأيام الماضية حتى وافتها
المنية الجمعة الماضية الذي صادف الأول من شهر فبراير.
رحلت العمري وتركت خلفها أبنائها الصغار الذين فقدوا حنان أمهم ، بعدما
أنهكها المرض الذي بقيت على صراع معه لأكثر من عام.
يوسف العمري زوج الشهيدة نادية التي كانت واحدة من ضحايا الحصار الذي
فاق عددهم التسعين شهيدا ، بات المتكفل الوحيد بتربية أبنائه الصغار، ويصف
حياته بالصعبة.
يحاول الزوج المواءمة ما بين عمله كمدرس في وكالة الغوث وأن يسد الفراغ
الذي تركته زوجته .
أربعة من أطفاله الصغار يذهبون صباحا إلى المدرسة ، بينما تذهب الطفلة
الخامسة إلى الروضة ، ولم يجد الأب سوى أن يضع الطفلة الصغيرة بالحضانة
إلى حين أن يعود من عمله.
حياة شابها الكثير من الاختلاف بعدما فقدت الزوجة والأم ، فلم يدرك الأطفال
الصغار بعد ما حل بهم ، ولم يعرفوا ما معنى فقدان الأم ، إلا أن الزوج عرف
جيدا أنه بات في وضع مختلف يحتاج منه أن يشعر أبنائه بأن أمهم لازالت بينهم .
الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة حصد أرواح المرضى ولم يفرق بين
صغير وكبير ، ولا زال طابور الموت يضيف أسماء جديدة إليه طالما صارعوا
المرض وتقلبوا على جمر الألم .
وزارة الصحة أطلقت تحذيرا من كارثة إنسانية ستحل على مستشفيات قطاع
غزة خلال الساعة القادمة ، قالت فيه:"استمرارا لنهجها العدواني وسياساتها
القذرة الرامية إلى إعدام شعب بأكمله ومحاصرة أنفاسه والتضييق على وسائل
عيشه، لا تزال دولة الاحتلال تصر على تنفيذ قرار منع تزويد قطاع غزة
بالكهرباء وتمعن في تطبيقه وإحكام حلقاته القاسية يوما بعد يوم الأمر الذي
حذرت منه وزارة الصحة على مدى الأيام السابقة".
وشددت الوزارة على أن المستشفيات باتت على أعتاب كارثة إنسانية وصحية
حقيقية تهدد أبناء القطاع بأكملهم جراء تأثر التطعيمات الوقائية المحفوظة في
ثلاجات المستشفيات والأدوية من تكرار انقطاع التيار الكهربائي، مما ينذر
بتلفها خلال ساعات محدودة.
وتابعت: " هذه الكارثة الإنسانية تتجاوز في خطورتها حدود القطاع لتهدد بذلك
الدول المجاورة الأمر الذي يدعو إلى استنفار الطاقات العربية والإقليمية من
اجل مواجهة خطر إبادة جيل بأكمله".