(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (صدق الله العلي العظيم)
في البدء لابد أن نطرح سؤالاً... وهو لماذا ندرس السيرة النبوية؟ هل لمجرد الاطلاع على جانب من جوانب التاريخ، أو لكي نحصل على بعض المعلومات التاريخية، يعني التاريخ لمجرد التاريخ، أو السيرة لمجرد السيرة فهذا ليس هدفنا... وليس مهمتنا هي مجرد الإعجاب العاطفي لشخصية النبي محمد (صلّى الله عليه وآله).
صحيح انه لم يأت إلى هذه الحياة شخصية عظيمة كشخصية النبي من حيث التأثير على الحياة الإنسانية... والآثار التي تركها على حياة الإنسان، وحياة هذا العالم، إلا أن مجرد الإعجاب العاطفي لشخص النبي (صلّى الله عليه وآله) وليس هو المطلوب منا، نحن المسلمون، إنما المطلوب أن نتجاوز مرحلة الإعجاب العاطفي إلى مرحلة الاقتداء والاتباع واقتفاء الأثر.
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) و(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)..
المطلوب هو الاتباع وتلمس نقاط الضوء في حياة النبي، وإلا فإن هناك من غير المسلمين من عبروا عن إعجابهم بشخصية النبي (صلّى الله عليه وآله) اكثر منا.. إذا كان المطلوب هو مجرد الإعجاب بشخصية النبي وعظمائنا.
رجل مسيحي ألف كتاباً بعنوان (شخصيات غيرت وجه التاريخ) ويحدد في هذا الكتاب مائة شخصية غيرت وجه التاريخ، مجموعة من الشخصيات والقادة والعظماء والنابغين الذين أثروا في التاريخ الإنساني، بما فيهم بعض الأنبياء والعباقرة والمخترعين، لكن اختياره لم يكن لتسلسل الأسماء حسب التاريخ الزمني لكل عظيم، أو حسب التسلسل الأبجدي لأوائل أسمائهم... إنما تم اختيار ترتيب هذه الشخصيات في هذا الكتاب على حسب مقدار التأثير على تاريخ البشرية... فأول اسم في هذا الكتاب والشخصية رقم واحد فيه هو شخصية النبي (صلّى الله عليه وآله)، يقول المؤلف في هذا الكتاب أنه اختار هذا المقياس حسب تعيين الكومبيوتر، يعني الكومبيوتر هو الذي يحدد تأثير كل شخصية من هذه الشخصيات التاريخية، وهو رجل مسيحي أمريكي، والمفروض في هذا الرجل أن يقدس المسيح أكثر ممّا يقدس نبينا.. لكن اسم المسيح يأتي في هذا الكتاب حسب هذا المقياس الكومبيوتري في الرقم (13) من تسلسل أسماء الشخصيات التاريخية بينما نبينا (صلّى الله عليه وآله) هو أوّل شخصية وأول اسم في هذا الكتاب.
هذا دليل على الإعجاب بشخصية النبي مجرد الإعجاب لأنه عظيم لا يكفي، وليس هو المطلوب منّا، بل المطلوب منّا اكثر... ففي هذا المجال، ربما يسبقنا أناس آخرون من الذين يعرفون أن يقيموا الشخصيات تقييماً علمياً، إنما المطلوب منا العمل بسنة النبي باعتبار أن السنة تأتي بالدرجة الثانية بعد القرآن من مصادر التشريع ومنابع الإسلام الأولية، والسنة النبوية الطاهرة تعتبر هي الجانب العملي والتفصيلي من الإسلام، ليس السنة النبوية بمفهومها الفقهي الضيق بل السنة النبوية بمعناها الواسع التي تعني طريقة النبي في الحياة.